ملخص
تخضع سورية لعقوبات تراكمية منذ 1979، وتتسم عقوبات ما قبل 2011 بانتقائيتها ومحدودية نطاق الجهات المستهدفة بها، وطبيعتها كعقوبات محددة واقتصارها على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، في حين أنها اكتسبت بعداً دولياً منذ 2011 بتنوع أنماطها واتساع نطاق الجهات المستهدفة بها والجهات المنخرطة في فرضها. ويظهر التحليل الإحصائي لبيانات العقوبات الأمريكية والأوربية عدد من النتائج الملفتة للانتباه:
- اتجهت العقوبات الأمريكية على النظام السوري وشركائه للتصاعد منذ 2011 وخاصة في عامي (2016-2017)، بينما اتخذت العقوبات الأوربية منحى معاكس بانخفاضها بشكل ملحوظ منذ 2012.
- ميل كل من واشنطن وبروكسل إلى استهداف الأفراد عوضاً عن الكيانات (الشركات الخاصة أو المؤسسات الحكومية)، مما يؤكد تبنيهما لاستراتيجية العقوبات الذكية في التعاطي مع النظام السوري.
- تركز العقوبات الأمريكية بالدرجة الأولى على التكنوقراط (48%)، تليهم الشركات الخاصة الداعمة للنظام (17%)، بينما لا تتخطى العقوبات على المؤسسات الحكومية نسبة 5%. بالمقابل تستهدف العقوبات الأوربية بالدرجة الأولى القيادات الأمنية والعسكرية للنظام (37%)، يليهم على التوالي التكنوقراط (25%)، بينما بلغت العقوبات على المؤسسات الحكومية نسبة 11% من المجموع الكلي للعقوبات.
- أتي المؤسستين الأمنية والعسكرية في مقدمة المؤسسات الحكومية المستهدفة بالعقوبات الأمريكية (46%) وكذلك الأوربية (43%)، تليها المؤسسات النفطية بما نسبته 20% من مجموع العقوبات الكلية سواءً الأوربية أو الأمريكية.
أما عن الآثار المترتبة للعقوبات على الاقتصاد السوري وبنية النظام فيتضح الآتي:
- عتبر أثر العقوبات على القطاع النفطي ثانوياً مقارنة بالأثر الكبير الذي أحدثه الصراع على منظومة إنتاج وتسويق النفط، إضافة إلى الاعتبارات ذات الصلة بسوق النفط العالمية.
- عزى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسب قياسية إلى تدهور النشاط الاقتصادي الناجم بالدرجة الأولى عن الصراع وما نجم عنه من أضرار، وصعوبة الحصول على بعض مستلزمات الإنتاج والسلع الاستهلاكية نتيجة العقوبات، إضافة إلى انخفاض مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي.
- عود تفاقم عجز الميزان المالي العام إلى انخفاض الإيرادات خاصة تلك المتأتية عن بيع النفط، إضافة للسياسات المالية المتبعة من قبل النظام لكبح عجز الموازنة العام.
- نخفاض قدرة السوريين على تأمين السلع الغذائية نظراً لارتفاع أسعارها العائد إلى، تراجع حجم المعروض منها بحكم تراجع الإنتاج الزراعي والسياسات الاقتصادية للنظام من جهة، وصعوبة الحصول على بعضها بسبب العقوبات من جهة أخرى.
- يفسر فشل العقوبات في تغيير النظام أو تعديل سلوكياته بقدرته على التكيف معها بدعم من حلفائه، وبالاعتماد على شبكات مافيوية_ مصلحية تنتشر في عدة مناطق من العالم، فضلاً عن افتقاد العقوبات للإجماع الدولي ولنظام مرن للتقييم والمتابعة والتشاركية.
- فزت العقوبات بروز شبكات مصلحية_مافيوية تتكامل مع الحالة الميليشاوية للنظام، لنكون أمام بنية تسلطية ذات طبيعة مافيوية_ميليشياوية، يتوقع لها أن تستمر.
تمهيد
تلجأ الدول بشكل منفرد أو من المنظمات الأممية وكذلك الإقليمية للعقوبات كأداة لثني الدول المستهدفة من انتهاك قواعد القانون الدولي أو لصيانة مصالح الدول المشرعة للعقوبات، وقد تأخذ العقوبات بعداً سياسياً أو اقتصادياً، وقد تكون شاملة بحيث تستهدف كيان الدولة بجميع قطاعاتها الحيوية، أو انتقائية تطال مصالح كيانات أو أفراد ينتمون للدولة المستهدفة. وقد تلجأ الدول إلى فرض العقوبات بشكل تدريجي، بينما تلجأ أخرى لفرضها بشكل مباشر دون الولوج في ممارسة ضغوط تدريجية على الدول المستهدفة.
تهدف العقوبات إمّا لتغيير سلوكيات وسياسات الدولة المستهدفة بشكل كلي أو جزئي بما يتماشى مع إرادة الطرف المشرّع للعقوبات، أو لتغيير الأنظمة الحاكمة، أو للحد من انتهاكات حقوق الإنسان وضمان الالتزام بقواعد القانون الدولي. وعلى الرغم من اللجوء المتكرر للعقوبات فإن فاعليتها ما تزال مثار شكوك لدى الباحثين في مجال العلاقات الدولية، ويدلل فريق على نجاعتها في تحقيق الأهداف التي شُرعت لأجلها بتكرار اللجوء إليها عقب نهاية الحرب الباردة، بينما يقلل فريق آخر من فاعليتها خاصةً فيما يتعلق بتعديل سلوك الأنظمة الشمولية أو تغييرها.
وأمام ما سبق، يبدو من الأهمية التطرق لمسألة العقوبات، وذلك من خلال تقديم إطار نظري يحدد مفهومها وأنواعها وأدواتها، واستعراض وجهات النظر الأكاديمية حول فاعلية العقوبات على الأنظمة الشمولية تعديلاً أو تغييراً، ثم التطرق لملف العقوبات على سورية من حيث السياق الذي فرضت فيه والجهات التي فرضتها مع التركيز هنا على تحليل إحصائي لبيانات العقوبات الأمريكية والأوربية على سورية حتى تاريخ 10-7-2017 كدراسة حالة، واستعراض نتائج العقوبات على الاقتصاد السوري بلغة الأرقام، وأثرها أيضاً على بنية النظام السوري واستمراريته.مدخل نظري حول العقوبات: تعريفها وأنواعها ومبرراتها
تبنت التجمعات البشرية المنظمة سياسياً العقوبات كأداة للتعامل مع أعدائها ومن أشكالها المقاطعة والحصار الاقتصادي، لتتطور العقوبات في أبعادها الدولية والقانونية والإجرائية مع تشكل نظام وستفاليا "1648"، وصولاً إلى تنظيمها واعتمادها من قبل المنظمات الدولية والإقليمية كأداة لحفظ الأمن والسلم الدوليين، إضافة لتبينها من قبل الدول بشكل منفرد لتحقيق مصالحها.
تتعدد تعريفات خبراء القانون الدولي وباحثي العلاقات الدولية للعقوبات، حيث عرفها Galtung's بأنها: فعل يتخذه فاعل أو أكثر من الفاعلين الدوليين (المرسلين) ضد فاعل أو أكثر من الفاعلين الدوليين (المستقبلين)، بهدف حرمان المستقبلين من بعض الامتيازات، أو دفعهم للتوافق مع سياسات المرسلين ([1]). بينما عرفها كلسن بأنها: رد الفعل المحدد بالقانون ضد السلوك الإنساني الموصوف بغير الشرعي والذي تباشره السلطة المسؤولة. كذلك عرفها كافريه بكونها: إجراء اجتماعي يستهدف تأمين تطبيق القانون وذلك بمعاقبة من يخالفه. ومن التعريفات الواردة للعقوبات ما أورده عبد المعز عبد الغفار بأنها: كل إجراء يمكن أن يحقق احترام القانون الدولي ويمنع انتهاكه، وبالتالي تعتبر الجزاءات أو العقوبات إجراءات قسرية تطبق في حالة الإخلال بالتزامات القانونية للدولة، بحيث تستهدف إصلاح سلوك الدولة وحماية مصالح الدول وصيانة الأمن والسلم الدوليين. أما محكمة العدل الدولية فعرفتها بأنها: التدابير التي يتخذها المجلس طبقاً للمواد رقم (39-41-42) من ميثاق الأمم المتحدة ضد الدولة التي تنتهك أو تهدد بانتهاكها لتعهداتها الدولية الأمن والسلم الدوليين. ([2])
وقد تأخذ العقوبات طابعاً سياسياً كقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة المستهدفة، وإلغاء أو تجميد عضويتها في المنظمات الإقليمية والدولية، كتعليق جامعة الدول العربية مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، وذلك على خلفية قمع النظام لحركة الاحتجاجات السلمية، وعدم تنفيذه لبنود الخطة العربية لحل الأزمة السورية ([3]). يضاف لما سبق، حظر سفر الشخصيات السياسية أو العسكرية المستهدفين بالعقوبات، وقد يصل الأمر إلى إصدار مذكرات ملاحقة قضائية دولية بحقهم، كمذكرة التوقيف القضائية الصادرة عن الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
كما تأخذ العقوبات طابعاً اقتصادياً وتعبر الأكثر انتشاراً وتأثيراً ومن صورها: ([4])
1) المقاطعة الاقتصادية: عرفها معجم المصطلحات الحقوقية بأنها: إجراء تلجأ إليه الدول أو السلطات الدولية وهيئاتها لوقف المعاملات التجارية مع دولة أخرى ورعاياها بقصد الضغط الاقتصادي عليها لارتكابها أعمال عدوانية. وتشمل إجراءات المقاطعة العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية وكذلك الاستثمارية، ومن الأمثلة في هذا السياق المقاطعة الاقتصادية لهايتي بموجب القرار (731) الصادر عن مجلس الأمن 1993، وذلك للضغط على الحكومة العسكرية لإعادة الرئيس المخلوع جون ارستيد والذي أطيح به بانقلاب عسكري عام 1991_، كذلك قرار مقاطعة حلف شمال الأطلسي لصربيا 1999 بسبب أحداث كوسوفو.
2) الحصار البحري: إجراء يعلن بمقتضاه أحد المتحاربين منع المواصلات بين البحر والبر لسواحل وأراضي العدو سواء بالدخول أو الخروج منها، ويتحذ الحصار أحد شكلين الحصار السلمي والذي يتم بمقتضاه ضرب طوق حول سواحل البلاد ومنعها من الاتصال بالعالم الخارجي وله عدة أشكال:
- الحصار السلمي القانوني بهدف إلزام الدولة المستهدفة باحترام قواعد القانوني الدولي ومثاله حصار اليونان من قبل إنجلترا1850 لحملها على دفع التعويضات لإخلالها بالتزامات دولية،
- الحصار السلمي الإنساني ضد الدول التي تنتهك حقوق الإنسان ومثاله حصار زنجبار 1888 من قبل ألمانيا وإيطاليا والبرتغال لوقف تجارة الرقيق.
- الحصار السلمي السياسي بهدف تحقيق أغراض سياسية كحصار السواحل الروسية 1919 لإسقاط الثورة الشيوعية.
أما النوع الثاني للحصار البحري فهو الحربي والذي يتم بموجبه استخدام القوة العسكرية ضد سفن الدول المستهدفة بالحصار وكذلك السفن الأجنبية المتعاملة معها، ومثال ذلك الإجراءات التي فرضها مجلس الأمن على العراق بموجب القرار رقم 661 لعام 1991 على خلفية غزوه للكويت.
3 ) الحظر الاقتصادي: فرض عقوبات على التعامل مع الشركات التابعة للدول المستهدفة بالعقوبات، ومنع الاستثمار في بعض قطاعاتها الحيوية كالنفط والصناعات الحيوية، وحظر تصدير بعض السلع إليها سيما الاستراتيجية منها، ويضاف لما سبق الحظر المالي والجوي والعسكري، وتعتبر العقوبات الدولية المفروضة على إيران على خلفية برنامجها النووي بين 2006-2015 من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي وكذلك الولايات المتحدة الامريكية مثالاً على الحظر الاقتصادي، حيث تم فرض عقوبات على الشركات ذات الصلة بالبرنامج النووي الإيراني، ومنع ضخ الاستثمارات في القطاع النفطي، وحظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج. أما الحظر الجوي والعسكري فمثاله ذلك الذي فرض على ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 748 لعام 1992 على خلفية قضية لوكربي.
4) القوائم السوداء: إدراج الأشخاص أو المؤسسات أو الكيانات التابعين للدولة المستهدفة والمتورطين في أعمال غير قانونية أو انتهاكات إنسانية في قوائم سوداء، بحيث تطبق عليهم أحكام الدولة المعتدية فيما يتعلق بالحظر والمقاطعة، ومثال ذلك إدراج الولايات المتحدة الأمريكية لعدد من مسؤولي النظام السوري في القائمة السوداء على خلفية دورهم في ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان خلال الأزمة السورية. ([5]) يتم فرض العقوبات بواسطة أطر جماعية كالمنظمات الدولية كالأمم المتحدة بموجب الإجراءات المنصوص عليها في المادتين رقم (39-41) ([6])، وكذلك المنظمات الإقليمية كالاتحاد الأوربي والذي زادت صلاحياته في فرض العقوبات بعد اتفاقية ماسترخت 1992، أو قد تلجأ الدول بشكل منفرد لفرض العقوبات ضد خصومها أو منافسيها ومثال ذلك الأوضح الولايات المتحدة الأمريكية. ([7])
بالنظر إلى أسباب ومبررات فرض العقوبات، تسود مقاربتين لدى خبراء القانون الدولي وباحثي العلاقات الدولية لتفسير الأسباب الدافعة للجوء لسياسة العقوبات، حيث يميل القانونيون لتفسير العقوبات على أنها أداة قسرية تستخدم لضمان الالتزام بمبادئ القانون الدولي حينما تتعرض للانتهاك، في حين ينقسمون في تحديد مقصد العقوبات، حيث يميل فريق لحصر غاية العقوبات بمعاقبة الدول التي انتهكت القانون الدولي وردعها مستقبلاً عن تكرار الأمر "الحالة العراقية، بينما يحدد فريق آخر غاية العقوبات بإصلاح الضرر الناشئ عن انتهاك قواعد القانون الدولي من خلال الحصول على التعويضات دون الحاجة للردع. على الجانب الآخر، يفسر باحثو العلاقات الدولية العقوبات باعتبارها أداة قسرية لتحقيق أهداف ذات طبيعة سياسية، كتغير سلوكيات الجهات المستهدفة وسياساتها بشكل كلي أو جزئي "انهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا "، أو تغير الأنظمة الحاكمة "الإطاحة بالرئيس البرازيلي Goulart João عام 1964"، أو التقليل من قدرة الأطراف على الاستمرار في قتال طويل الأمد خلال فترة الصراعات "العقوبات المفروضة على النظام السوري"، أو إجبار أطراف الصراع على تنفيذ اتفاق السلام (اليمن) أو محاربة الإرهاب "فرض عقوبات على القاعدة وعلى عدد من الأنظمة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب"، أو الحد من الانتشار النووي "العقوبات على إيران وكوريا الشمالية والعراق وليبيا".
العقوبات وأثرها على الأنظمة الشمولية: جدل مستمر
ازداد الاعتماد على العقوبات خاصة مع نهاية الحرب الباردة، ويعزو الباحثون سبب ذلك إلى انخفاض كلفتها مقارنة باستخدام القوة العسكرية، إضافة إلى شرعيتها لارتكازها على أسس ذات طبيعة قانونية وإنسانية، ورغم ذلك لا يزال الجدل قائماً لدى باحثي العلاقات الدولية وخبراء القانون الدولي حول تقييم أثر العقوبات وقدرتها على تعديل سلوكيات الأنظمة الشمولية أو دفع التحول الديمقراطي لهذه الأنظمة، وفي هذا السياق تنقسم وجهات النظر إلى تيارين:
1. فاعلية العقوبات على الأنظمة الشمولية: ينطلق مؤيدو فرض العقوبات على الأنظمة الشمولية من قدرتها على إحداث الضرر في منظومة الحكم والسيطرة للأنظمة الشمولية، بما يؤدي إلى تعديل سلوكياتها السلبية أو سقوطها وبروز بدائل ديمقراطية، إلا أنهم ينقسمون حول نطاق العقوبات إلى تيارين:
- العقوبات الشاملة: تزداد إمكانية تعديل الأنظمة الشمولية لسلوكياتها وكذلك احتمالات سقوطها، عندما تواجه أزمات اقتصادية حادة تسهم في تأجيج الضغوط المحلية ضدها وإضعاف تماسك النخبة الحاكمة " كموجة التحول الديمقراطي في أوربا الشرقية" ([9])، وما تقوم به العقوبات في هذا الصدد يتركز على تكثيف الضغوط الشاملة على الأنظمة السلطوية، بما يضطرها إلى تعديل سلوكياتها أو لدفع عملية التحول الديمقراطي، ويقدم مؤيدو هذا التيار نظام العقوبات على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا (1962-1994) كمثال للدلالة على فاعلية العقوبات في تغيير الأنظمة الشمولية. " ([10])
- العقوبات الانتقائية: تعرضت النظرية التقليدية للانتقاد على خلفية الكوارث الإنسانية التي أحدثتها سيما في العراق، الأمر الذي أسهم ببروز مقاربة جديدة أطلق عليها مسمى العقوبات الذكية "الانتقائية"، تقوم فكرتها على فرض انتقائي للعقوبات القسرية تستهدف مصالح وموارد الأفراد والكيانات المحددة، وبما يقلل من الآثار الاقتصادية والاجتماعية غير المقصودة على السكان ([11])، وتعتبر العقوبات الذكية التي فرضت على إيران والتي اضطرتها بالمحصلة للتخلي عن برنامجها النووي مثال على هذه العقوبات
بالمحصلة، يدرك أنصار العقوبات الشاملة وكذلك الانتقائية تباين فاعلية العقوبات في التأثير على الأنظمة الشمولية، ويرجعون ذلك إلى عدة عوامل متشابكة، كطبيعة اقتصاد الدولة المستهدفة ونظامها السياسي وموقعها الجغرافي وحجم قوتها ومدى توافر شركاء داعمين لها، إضافة لحجم وقوة الدول المشاركة في تطبيق العقوبات، علاوةً على نوع العقوبات وقسريتها، وكذلك شرعيتها من حيث استنادها إلى أسس قانونية ومبررات أخلاقية.
2. محدودية أثر العقوبات على الأنظمة الشمولية: يشكك أنصار هذا التيار بفاعلية العقوبات على الأنظمة الشمولية تعديلاً لسلوكياتها أو تغيراً لبنيتها، ويستدلون على ذلك بعدد من الدراسات البحثية التي تظهر تدني معدل فاعلية العقوبات أو عدم جدواها في إحداث الأثر المرغوب في الأنظمة الشمولية ([12])، كما أنهم يوردون عدداً من الأمثلة التي أدت فيها العقوبات إلى نتائج عكسية، كتراجع حالة حقوق الإنسان والديمقراطية في الحكومات المستهدفة على خلفية تضييق الأخيرة على الحقوق والحريات وقمع المعارضة ([13]) بحجة مناصرتهم للخارج كما حدث في كوبا ([14])، أو تدعيم شرعية الأنظمة الشمولية من خلال استغلالها العقوبات لتعبئة الرأي العام في مواجهة العدو الخارجي، وهو ما نجح به رئيس زيمبابوي روبرت موغابي من خلال توظيف الخطابات القومية للحصول على دعم محلي لمواجهة العقوبات الاقتصادية والسياسية التي فرضت على نظامه. ومن النتائج العكسية أيضاً للعقوبات، تعزيز تماسك النخبة الحاكمة للأنظمة الشمولية، حيث دفع قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير وعدد من قياداته النخبة الحاكمة للتضامن الداخلي لمواجهة العقوبات الدولية ([15]). ومما يذكر من النتائج العكسية أيضاً نجاح الأنظمة الشمولية في إعادة هيكلة اقتصاداتها بالاعتماد على شبكات بديلة رسمية وغير رسمية تتيح لها التحايل على نظام العقوبات أو التخفيف من حدته، وبما يضمن لها ولمؤيديها احتكار المنافع، وتحميل السكان الكلف السلبية الناجمة عن العقوبات كما حدث في الحالة العراقية. ([16])
العقوبات المفروضة على سورية: الواقع والآثار
تخضع سورية نظاماً ودولةً لمجموعة عقوبات منذ ثمانينات القرن الماضي، حيث فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حظراً تكنولوجياً عليها (1979)، وذلك على خلفية تصنيفها ضمن فئة الدول "الراعية للإرهاب"، لتعاود واشنطن فرض حزمة عقوبات (مصرفية، تكنولوجية) على بعض الأفراد والكيانات السورية منذ 2004، وذلك رداً على الدور السلبي للنظام السوري في العراق بدعوى "إزكاء التمرد ضد القوات الأمريكية"، وفي لبنان بتهمة "التواجد السوري غير الشرعي في لبنان، واغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري". وقد شكل عام 2011 نقطة تحول في العقوبات المفروضة على سورية من حيث نوعها وكذلك عدد المنخرطين فيها، حيث دفع قمع النظام الوحشي لحركة الاحتجاجات السلمية (آذار 2011) بعض الدول إلى فرض حزم عقوبات متنوعة طالت الأفراد والكيانات السورية وغير السورية.
اتسمت عقوبات ما قبل 2011 بانتقائيتها وطبيعتها محدودية نطاق الجهات المستهدفة بها، كما اتسمت برمزيتها أكثر من كونها جزءاً من سياسة متكاملة لتعديل سلوك النظام أو تغييره، فضلاً عن اقتصار تطبيقها على الولايات المتحدة دون غيرها من الدول.
طرأ تحول على نوع العقوبات المفروضة على سورية ما بعد عام 2011، فلقد اتّسع نطاق الجهات المستهدفة بها، وكذلك عدد الدول المنخرطة في تطبيقها، وفي حين لا تزال هذه العقوبات سارية المفعول، لحين كتابة هذه الدراسة، فإن نتائجها ما تزال مثار تقييم من قبل الاقتصاديين وباحثي العلاقات الدولية ولكل منظوره. حيث يؤمن الاقتصاديون بنجاعة العقوبات وفي نجاحها بتحقيق أهدافها، مستشهدين بتراجع مؤشرات الاقتصاد الكلي وتنامي الضغوط الاقتصادية على المواطنين السوريين، بينما يستشهد الباحثون في مجال العلاقات الدولية بالمثال السوري للتدليل على ضعف فعالية العقوبات في تعديل سلوكيات الأنظمة الشمولية أو دفعها باتجاه التحول الديمقراطي، بدليل أنها أسهمت في إيجاد بنى مصلحية مافيوية متحالفة مع النظام.
العقوبات المفروضة على سورية: عقوبات تراكمية على نظام شمولي
خضعت سورية ما قبل 2011 إلى عقوبات أمريكية وذلك على خلفية تهم تتعلق بدعم الإرهاب وتهديد المصالح الأمريكية في العراق وزعزعت الاستقرار في لبنان وتطوير أسلحة دمار شامل. وقد اكتسبت العقوبات بعداً دولياً في عام 2011 بعد أن تبنتها عدة جهات دولية وإقليمية رداً على قمع النظام لحركة الاحتجاجات السلمية. ويمكن تقسيم العقوبات التراكمية على سورية نظاماً ودولةً بحسب هوية الجهة التي فرضتها إلى:
1-العقوبات التي فرضتها الدول بشكل منفرد على سورية خارج أطر المنظمات الإقليمية والدولية، على خلفية تهم تتعلق بدعم نظامها "للإرهاب" وانتهاكه القانون الدولي وحقوق الإنسان، وتضم القائمة الدول التالية:
- -الولايات المتحدة الأمريكية: تخضع سورية لعقوبات أمريكية منذ 1979 وذلك على خلفية تصنيفها ضمن فئة الدول "الراعية للإرهاب"، لتجدد العقوبات على النظام السوري من قبل إدارة ريغان (1986)، وقد شملت العقوبات حظر تصدير السلع أو التجهيزات التي تحتوي على مكون أمريكي بنسبة 10% فأكثر، كما استمرت العقوبات بأشكال أخرى في عهد إدارتي بوش الاب وكلينتون كتخفيض الصادرات الأمريكية إلى سورية. وتجددت العقوبات الأمريكية في ظل إدارة بوش الابن بإقرارها لقانون محاسبة سورية واسترداد سيادة لبنان (2003) وما لحقه من مجموعة قرارات تنفيذية نصّت على حظر الاستيراد والتصدير لسورية، ووقف أي تعاملات مالية مع المصرف التجاري السوري، إضافةً إلى حظر المساعدات الأمريكية لدمشق، وإغلاق المجال الجوي الأمريكي أمام الطائرات السورية، وتجميد ممتلكات عدد من الأفراد والشركات السورية في أمريكا. لم تخرج إدارة أوباما عن سياسة العقوبات بل مددتها في أكثر من مناسبة (2009، 2010) وذلك على خلفية اتهام دمشق بمواصلة دعم "المنظمات الإرهابية"، قبل أن تفرض عقوبات جديدة على النظام السوري عام 2011 على خلفية قمع النظام السوري لحركة الاحتجاجات السلمية. وقد شملت هذه العقوبات شخصيات أمنية وعسكرية وسياسية وكيانات حكومية، كما طالت قطاعي النفط والغاز، إضافةً لشموليتها شركات خاصة ورجال أعمال متورطين في دعم النظام، ويتم وفقاً لهذه العقوبات تجميد الأصول المالية للجهات المشمولة بالعقوبات وحظر التعامل المالي والتجاري معها ومنعها من الدخول للولايات المتحدة الأمريكية. استمرت إدارة ترامب بتأكيد العقوبات السابقة وبفرض أخرى تعتبر الأكبر من نوعها من حيث عدد الأفراد الشمولين بالعقوبات، وذلك على خلفية اتهام النظام بالمسؤولية عن هجوم خان شيخون الكيماوي (نيسان2017).
- - سويسرا: انضمت سويسرا منذ عام 2011 إلى الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوربي بحق النظام السوري، وتطال العقوبات السويسرية شخصيات وكيانات سورية كما تشتمل تجميد أموال وحظر تعاملات مالية، ومنع المشمولين بالعقوبات من الحصول على تأشيرات دخول إلى سويسرا، حظر بناء محطات توليد الكهرباء، وأجهزة اتصالات ولإنترنت، وتصدير المعادن الثمينة والمجوهرات، ومنع طائرات شركة الطيران العربية السورية من الإقلاع أو الهبوط في المطارات السويسرية.
- -تركيا: فرضت الحكومية التركية عقوبات على النظام السوري بتاريخ (30-11-2011)، وشملت: تجميد التبادل التجاري بين البلدين، ووقف التعامل بين المصرفيين المركزيين وكذلك التعاملات الائتمانية المالية، وحظر تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية، وتعليق عمل مجلس التعاون الاستراتيجي السوري التركي. ([17])
- -استراليا: تبنت استراليا سياسة العقوبات ضد النظام السوري بدءاً من عام 2012، وتشمل هذه العقوبات الأفراد والكيانات السورية على حد سواءً ومن صيغها، حظر التبادل التجاري بين استراليا وسورية في قطاعات النفط والمنتجات النفطية والخدمات المالية والاتصالات والمعادن الثمينة، وحظر المشمولين بالعقوبات من السفر إلى استراليا، إضافةً إلى حظر تصدير الأسلحة للنظام السوري.
- -كندا: فرضت كندا مجموعة من العقوبات على عدد من الأفراد والكيانات السورية بدءاً من عام 2011، وتتضمن هذه العقوبات: حظر تصدير السلع والتكنولوجيا ذات الاستخدام العسكري، منع استيراد أو نقل النفط ومنتجاته النفطية من وإلى سورية، وحظر تمويل الاستثمارات الجديدة في القطاع النفطي، وحظر المعاملات المالية والتجارية مع الجهات المشمولة بالعقوبات، وتعليق كافة اتفاقيات التعاون الثنائية بين البلدين، ومنع كل المستوردات من سورية ما عدا الأغذية.
- -اليابان: اتخذت الحكومة اليابانية منذ عام 2011 مجموعة من الإجراءات بحق النظام السوري رداً على قمعه الوحشي للمعارضة السلمية، وتتضمن هذه الإجراءات: تجميد الأصول المالية، ووقف إعطاء تأشيرات دخول للمشمولين بالعقوبات، ومنع الرحلات الجوية بين البلدين.
2-العقوبات التي فرضتها المنظمات الإقليمية والدولية على النظام السوري، على خلفية تهم تتعلق بدعمه "الإرهاب" وانتهاكه للقانون الدولي ولحقوق الإنسان، وتضم القائمة:
- -جامعة الدول العربية: فرضت الجامعة العربية حزم من العقوبات ضد النظام السوري، وذلك رداً على عدم تجاوبه مع جهودها الرامية لتسوية "الأزمة". وقد أقر مجلس وزراء خارجية دول أعضائها في دورته غير العادية بتاريخ (27-11-2011) توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي في فرض عقوبات على سورية، وذلك بموافقة 19 دولة على القرار، واعتراض لبنان وتحفظ العراق على نص القرار. وتشتمل عقوبات الجامعة العربية عدداً من الإجراءات بحق الحكومة السورية من أهمها: منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربيـة وتجميد أرصـدتهم فـي الدول العربية، ووقف التعامل مع البنك المركزي السوري، ووقف التبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية باستثناء السلع الاسـتراتيجية التـي تؤثر على الشعب السوري، وتجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية ووقف التعاملات المالية معها، وتجميد تمويل مشاريع على الأراضي السورية من قبل الدول العربية.
- -الاتحاد الأوربي: دفعت أعمال القمع الوحشية التي مارستها قوات النظام بحق الحراك السلمي السوري الاتحاد الأوربي للتحرك وفرض عقوبات على دمشق منذ عام 2011 ، وتتضمن العقوبات الأوروبية قائمة من الإجراءات أهمها: وقف كافة أشكال التعاون التجاري والتقني بين الطرفين، ووقف أي دفعات ومساعدات من البنك الأوروبي للاستثمار، وتجميد العمل على اتفاقية التعاون بين البلدين، وحظر شراء أو استيراد أو نقل النفط السوري ومنتجاته، ومنع التعاملات المالية والتجارية مع المشمولين بالعقوبات وتجميد أرصدتهم المالية وحظر سفرهم إلى دول الاتحاد الأوربي، وفرض حظر على طائرات الشحن السورية وكذلك شركة الطيران السورية، وحظر توريد الأسلحة للنظام السوري.
بنية العقوبات الأمريكية والأوربية على سورية: إجماع واختلاف
تنطلق الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في تبنيهما لسياسة العقوبات على النظام السوري من الفرضية التالية: يتطلب تعديل سلوكيات الأنظمة الشمولية أو تغييرها، إضعاف مراكز قوتها المؤثرة في منظومة التحكم والسيطرة أولاً، وتفكيك تماسك نخبها الحاكمة وحرمانها من الموارد المادية "التمويل" والرمزية "الشرعية" ثانياً، وهذا ما يمكن تحقيقه من خلال فرض عقوبات ذكية "موجهة"، تستهدف مصالح وموارد الأفراد والكيانات المؤثرة، ويقلل من آثارها الاقتصادية والاجتماعية غير المقصودة على السكان.
وانطلاقاً مما سبق، بادر كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي إلى فرض عقوبات على الدولة السورية، بشكل تدريجي وعلى مراحل زمنية متعددة. ويلحظ في هذا السياق تأخر بروكسل في تبني سياسة العقوبات على دمشق حتى عام 2011 مقارنة بواشنطن التي بدأت بفرضها بعام 1979، وهو ما قد يفسر تبني الاتحاد الأوربي لمقاربتي "الحوار، العزلة" في التعاطي مع النظام السوري سابقاً، قبل أن يفرض عقوبات على دمشق لاحقاً نتيجةً لفشله في إحداث الأثر المقصود من جهة، بالإضافة إلى تكوّن إجماع دولي ضد الأسد على خلفية قمعه الوحشي لحركة الاحتجاجات السلمية من جهة أخرى.
وفي حين اتجهت العقوبات الأمريكية على النظام السوري وشركائه للتصاعد منذ 2011 وخاصة في عامي (2016-2017)، اتخذت العقوبات الأوربية منحى معاكس بانخفاضها بشكل ملحوظ منذ 2012 بحسب ما يظهره الرسم البياني رقم (1)، ويمكن تفسير هذا التفاوت بالرغبة الأمريكية في تكثيف الضغوط على النظام لإجباره على تعديل سلوكياته وضبطها (الهجمات الكيماوية)، وتحقيقاً لأغراض تفاوضية (مفاوضات تسوية الأزمة السورية)، علاوةً على توجيه رسالة رمزية لتأكيد الدور الأمريكي في الملف السوري والتزامه بحله. وفي المقابل، قد يفسر الميل الأوربي في عدم تصعيد العقوبات على النظام السوري بحدوث تحول في الموقف تجاهه، وبرغبته في فتح قنوات تواصل معه بغية معالجة قضايا إشكالية تؤرق الاتحاد الأوربي كملفي الإرهاب والهجرة.
وبالانتقال إلى تحليل نوع وطبيعة الفئات المستهدفة بالعقوبات، تميل كل من واشنطن وبروكسل إلى استهداف الأفراد عوضاً عن الكيانات (الشركات والمنظمات الحكومية أو الخاصة)، مما يؤكد تبنيهما لاستراتيجية العقوبات الذكية في التعاطي مع النظام السوري. وقد يُفسر تركيز الدول المشرّعة للعقوبات على الأفراد عوضاً عن الكيانات بسعيها لإضعاف تماسك النخبة الحاكمة من خلال استهدافها بشكل مباشر، إضافةً لسهولة تتبع نشاطات الأفراد مقارنة بالكيانات، علاوةً على رغبتها في حرمان هذه النخبة من دعم قواعدها الشعبية الاقتصادي والاجتماعي من خلال كشف دورها في صياغة وتنفيذ سياسات النظام الجائرة بحق السكّان.
وأمّا توزع الجهات المستهدفة بالعقوبات الأمريكية والأوربية، فتتركز العقوبات الأمريكية بالدرجة الأولى على التكنوقراط (وزراء، وموظفين في الجهات الحكومية) ليشكلوا ما نسبته 48% من العقوبات، بينما تأتي الشركات الخاصة بالمرتبة الثانية من حيث نسبتها (17%)، وبفارق ضئيل عن الأفراد والكيانات الإرهابية الداعمة للنظام السوري (16%)، في حين تمثل الجهات الحكومية المستهدفة بالعقوبات ما نسبته 5% من المجموع الكلي للعقوبات.
ويفسر التركيز الأمريكي على التكنوقراط باعتبارهم المسؤولين عن توفير الدعم الفني والتقني لمنظومة التحكم والسيطرة والقمع للنظام السوري، سواءً فيما يتعلق بإدارة مؤسسات الدولة (وزراء، موظفين) أو من خلال مساعدته في التهرب من العقوبات عبر توفير الاستشارات الفنية (مستشارين)، وكذلك فيما يتعلق بإنتاج وتصنيع الأسلحة وخاصة البرنامج الكيماوي للنظام.
وفي المقابل، تركز العقوبات الأوربية بالدرجة الأولى على منظومة القمع للنظام السوري، وذلك باستهدافها للقيادات الأمنية والعسكرية للنظام ليشكلوا ما نسبته 37% من العقوبات الكلية، يليهم على التوالي التكنوقراط بنسبة 25%، ثم الشركات الخاصة بما نسبته 13%. يستقرأ من تركيز الاتحاد الأوربي عقوباته على العاملين في منظومتي القمع (القيادات الأمنية والعسكرية) وكذلك التحكم والسيطرة (التكنوقراط)، رغبته في إضعاف هاتين المنظومتين بما يفضي إلى خفض مستوى العنف الممارس من قبل النظام بحق المدنيين العزل وقوى المعارضة السورية، أملاً في تهيئة المناخ للحل التفاوضي السياسي.
وبتحليل أعمق لطبيعة الجهات الحكومية المستهدفة بالعقوبات الأوربية والأمريكية، يتضح من خلال الرسم البياني رقم (5) حلول المؤسستين الأمنية والعسكرية في مقدمة المؤسسات الحكومية المستهدفة بالعقوبات الأمريكية (46%) وكذلك الأوربية (43%)، تليها المؤسسات النفطية بما نسبته 20% من مجموع العقوبات الكلية سواءً الأوربية أو الأمريكية. تدحض هذه النتائج الرواية الرسمية للنظام السوري بأن العقوبات تتركز على الجهات الحكومية الخدمية، وما استهداف المؤسستين الأمنية والعسكرية بالعقوبات إلا لدورهما في قمع المدنيين وممارستهما انتهاكات إنسانية توصف بجرائم حرب.
أثر العقوبات على الاقتصاد السوري وبنية النظام
ما يزال الجدل محتدماً حول فاعلية العقوبات المفروضة على الدولة السورية وأثرها على توازن الاقتصاد الكلي من جهة، وعلى البنية الشمولية للنظام السوري من جهة أخرى، حيث يستشهد بعض الباحثين بالأثر السلبي للعقوبات على الاقتصاد السوري وذلك باستعراض تراجع مؤشرات الاقتصاد الكلي، وما يفضي إليه بالضرورة من عدم استقرار سياسي واجتماعي يقود إلى تغير النظام على المدى البعيد، في حين يقلل البعض الآخر من مسؤولية العقوبات عن انهيار الاقتصاد السوري، مرجعين ذلك لأسباب أخرى (الاختلالات البنيوية في الاقتصاد السوري، السياسات الاقتصادية للنظام، الصراع الدائر في سورية)، كما يقللون أيضاً من أثرها على بنية النظام الشمولية تغيراً أو تعديلاً. وانطلاقاً مما سبق، سيتم التطرق في هذا القسم لأثار العقوبات على الاقتصاد السوري وبنية النظام، للحكم بمدى فاعلية العقوبات القائمة في تحقيق الأهداف التي شرعت لأجلها.
قطاعي النفط والغاز
تقدر بعض الدراسات الاحتياطي النفطي السورية بـ 2.5 مليار برميل، كان ينتج منهم تقريباً 400 ألف برميل يومياً في 2010، وفي حين يذهب الجزء الأكبر من هذا الإنتاج لتلبية احتياجات السوق السورية من المستخرجات النفطية، يصدر 150 ألف برميل لدول عدة في مقدمتها دول الاتحاد الأوربي بحسب الترتيب الآتي: ألمانيا 32%، إيطاليا 31%، فرنسا 11%، هولندا 9%، النمسا 7%، اسبانيا 5%، آخرون 5%. أما بخصوص قطاع الغاز، تقدر احتياطات سورية بـــ 10 ترليون متر مكعب من الغاز، في حين يقدر حجم إنتاج الغاز بـ 8.7 مليار متر مكعب في 2011، يذهب معظمه للاستهلاك المحلي ولإنتاج الطاقة الكهربائية.
تنبع أهمية القطاع النفطي في سورية باعتباره مصدراً رئيسياً لإيرادات الموازنة العامة للدولة ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما دفع بالدول المشرعة للعقوبات إلى استهدافه بغية إضعاف القدرة التمويلية للنظام السوري، وذلك من خلال إضعاف منظومات إنتاج ونقل وتسويق النفط، الأمر الذي اضطر النظام إلى تخفيض الإنتاج من 380 ألف برميل إلى 280 ألف برميل يومياً بحسب مصادر حكومية.
وعلى الرغم من تضرر القدرة الإنتاجية والتسويقية للقطاع النفطي السوري، وانخفاض نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي (من 12.5% عام 2011 إلى 1.8% عام 2015/ المركز السوري لبحوث السياسات) أولاً، وانخفاض مساهمته في توفير الإيرادات (من142.7 مليار ليرة سورية في 2011 إلى 63.7 مليار ليرة 2015/ الاسكوا: الإطار الاستراتيجي لبدائل السياسات سورية ما بعد النزاع) ثانياً، إلا أن الضرر الأكبر الذي لحق به كقطاع وما تركه من أثار على مجمل الاقتصاد الوطني يعود إلى:
- لتراجع الحاد في مساهمة قطاع النفط في الاقتصاد الوطني مع فقدان النظام السيطرة على مناطق استخراج النفط والغاز لصالح قوى متعددة،
- قتسام العوائد المالية الناجمة عن بيع النفط السوري في السوق السوداء بين مكونات شبكات اقتصاد الحرب (وسطاء، رجال أعمال، قوى صراع).
- تراجع أسعار النفط العالمية.
- الدمار الذي لحق بالقطاع النفطي نتيجة الأعمال الانتقامية التي نفذتها قوى الصراع بحقه، ومثاله ما قام به تنظيم "الدولة الإسلامية" من تدمير حقل آراك النفطي شمال شرق تدمر قبيل انسحابه منه.
وفي هذا السياق. تقدر دراسة للمركز السوري لبحوث السياسات حجم الخسائر التي لحقت بقطاع الصناعات الاستخراجية (النفط، الغاز، التعدين) بـــ 15% من مجموع الخسائر التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي بين 2011- 2015 والتي تقدر بــ 163.3 مليار دولار نهاية 2015، في حين قدر وزير النفط في الحكومة السورية علي غانم الخسائر التي لحقت بالقطاع النفطي بــ 66 مليار دولار بين عامي 2011 و2017.
الناتج المحلي الإجمالي
يعرف الناتج المحلي الإجمالي بأنه: مؤشر اقتصادي يقيس القيمة النقدية لإجمالي السلع والخدمات التي تنتجها دولة ما خلال فترة زمنية محددة، ويعتبر الناتج المحلي الإجمالي مؤشراً على حجم الثروة التي يتم توليدها خلال فترة زمنية معينة. وقد تعرض الناتج المحلي الإجمالي لسورية للانكماش منذ بداية الأزمة، وتقدر بعض المصادر (الاسكوا: الإطار الاستراتيجي لبدائل السياسات سورية ما بعد النزاع) نسبة هذا الانكماش بين أعوام 2010-2016 بـ_ 56%، في حين كان من المتوقع أن تصل نسبة نموه إلى 40% في الفترة نفسها في حال غياب الأزمة، ويفسر الاقتصاديون هذا الانكماش بتدهور النشاط الاقتصادي الناجم بالدرجة الأولى عن تصاعد حدة العمليات القتالية وما نجم عنها من أضرار طالت البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية ككل، وصعوبة الحصول على بعض مستلزمات الإنتاج والسلع الاستهلاكية نتيجة العقوبات، إضافة إلى التراجع الحاد في إنتاج النفط والغاز لأسباب تتصل بالأزمة بالدرجة الأولى.
المالية العامة والدين العام
ارتفع عجز الميزان المالي العام في سورية من – 60 مليار ليرة سورية في 2010، إلى -863 مليار ليرة سورية في عام 2015، وقد نجم ذلك بشكل أساسي عن التوسع في النفقات العامة، مقابل التناقص الحاد في حجم الإيرادات بحسب ما يظهره الرسم البياني رقم (11).
ومع التراجع الحاد في الإيرادات النفطية لأسباب ذكرت سابقاً، لجأ النظام إلى عدد من السياسات المالية للتعامل مع عجز الموازنة العامة والحساب الجاري منها:
- طباعة الأموال واستخدام احتياطيات النقد الأجنبي لتمويل صفقات السلاح، حيث تشير بعض التقديرات إلى انخفاض حاد في إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي من 20 مليار دولار 2010 إلى أقل من مليار دولار 2016.
- الحصول على تسهيلات ائتمانية ومساعدات تقدر بمليارات الدولارات من روسيا وإيران.
- إعادة النظر بالسياسة المالية للحكومة وذلك بزيادة الإيرادات العامة من خلال خفض الدعم وتحرير أسعار السلع الأساسية، وزيادة الضرائب غير المباشرة كضريبة الاستهلاك وقيمة عدد من الرسوم وكذلك التحصيل الجمركي.
وعلى الرغم من النجاح النسبي للسياسات السابقة في كبح عجز الميزانية العامة في عام 2015 (تراجع عجز الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي الجاري (من 17.2% عام 2014، إلى 11.5% عام 2015/ المركز السوري لبحوث السياسات)، إلّا إنها أفرزت نتائج كارثية، حيث تدهورت قيمة العملة السورية بنسبة 400% ليبلغ سعر صرفها مقابل الدولار 514 في آذار 2017، كما أدت إلى تفاقم الدين العام لببلغ 100% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في 2015، مقارنة بـــ 31% من إجمالي الناتج المحلي في 2009 وذلك بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
الأحوال المعيشية
انخفضت قدرة السوريين على الحصول على السلع الغذائية خلال الأزمة نظراً لارتفاع أسعارها نتيجة التخضم وانخفاض قيمة الليرة السورية، إضافةً إلى تراجع حجم المعروض من السلع الغذائية نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي الناجم عن الأزمة والسياسات الاقتصادية للنظام من جهة، وصعوبة الحصول على بعضها بسبب العقوبات من جهة أخرى، الأمر الذي أدى لتدهور الأمن الغذائي للسوريين، حيث قدرت OCHA عدد السوريين ممن هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية بــــ 13.5 مليون نسمة في 2016، في حين قدرت نسبة من يعيشون في حالة فقر شديد بـ 69%.
التأثير على البنية الشمولية للنظام السوري
أسس حافظ الأسد نظاماً شمولياً قائم على بنى أمنية وعسكرية ذات صبغة طائفية، وتحالفات مصلحية مع طبقة التجار، في حين شرعن حكمه بالانتماء إلى إيديولوجية البعث الثورية وترجمتها لمكتسبات مادية بغية الحصول على دعم الطبقات المهمشة من المجتمع السوري خاصة الأقليات وأبناء الريف ممن شكلوا قاعدته الاجتماعية. وفي حين تمكّن الأسد الأب من ضبط إيقاع التحالفات المصلحية من جهة، وإنجاز الهيمنة على المجتمع والدولة عبر الأدوات الأمنية والريعية من جهة أخرى، شهد النظام تحولاً جوهرياً مع مجيء الأسد الابن تمثل بتنكر النظام لقاعدته الاجتماعية (تراجع دور الدولة الاجتماعي)، لصالح تأكيده التحالف بين المنظومة الأمنية والطبقة الصاعدة من رجال الأعمال الطفيليين ذوي التوجهات النيوليبرالية، وهو ما أسهم في تآكل العقد الاجتماعي وبروز أزمات شاملة عصفت بالدولة والمجتمع السوري. وضمن هذا السياق، جاء الحراك السلمي كمحاولة للتأسيس لعقد اجتماعي ديمقراطي يتجاوز النظام الشمولي، ورداً على قمع النظام لحركة الاحتجاجات السلمية، وفي محاولة لدعم الحراك السلمي على إنجاز مهمة التحول الديمقراطي في سورية، شرعت الدول في فرض عقوبات موجهة على النظام بغية إضعاف تماسك النخبة الحاكمة.
ذهبت أغلب التوقعات بين عامي 2011- 2013 إلى إمكانية انهيار نظام الأسد بفعل الضغوط الخارجية (العقوبات) والداخلية (تنامي البعد العسكري لحركة الاحتجاج) التي يتعرض لها، وترافق ذلك مع تصاعد حركة الانشقاقات عنه، وتزايد حجم خسائره المادية والبشرية.
تمكن النظام من الاستمرار في الحكم بخلاف التوقعات السابقة، وهو ما يدلل فيما يتصل بجزئية العقوبات على فشلها في إحداث الأثر المقصود، الأمر الذي يمكن تفسيره بمايلي:
- التكيف مع العقوبات والالتفاف عليها والتخفيف من أثارها بدعم مباشر وغير مباشر من حلفائه (روسيا، إيران) من جهة، وبالاعتماد على شبكات مافيوية_ مصلحية تنتشر في عدة مناطق من العالم من جهة أخرى.
- ضعف فضعف فاعلية العقوبات في إضعافها لتماسك النخبة الحاكمة، نظراً لافتقادها الإجماع الدولي ولنظام مرن للتقييم والمتابعة والتشاركية، علاوة على افتقادها التكامل ضمن إستراتيجية جدية تستهدف إسقاط النظام.
- غياب جدية المجتمع الدولي في إزاحة النظام من جهة، وإلجاء الدول إلى فرض العقوبات كرد فعل على انتهاكات النظام وتجاوزه للخطوط الحمراء (هجمات الكيماوي) من جهة أخرى .
لا يلغي ما سبق غياب تأثير العقوبات على النظام، حيث حفزت العقوبات بروز شبكات مصلحية_مافيوية تتكامل مع الحالة الميليشاوية للنظام، لنكون أمام بنية تسلطية ذات طبيعة مافيوية_ميليشياوية،تعمل راهناً على ترسيخ نفوذها ومأسسته بما يمكنها من الاستمرارية ومضاعفة مكتسباتها في مرحلة الحل السياسي من بوابة إعادة الإعمار والتحكم بالوظيفة الأمنية.
نتائج
- تعتبر العقوبات إحدى أدوات القسر التي يمكن اللجوء إليها من قبل الدول بشكل منفرد أو من خلال منظمات دولية أو إقليمية لتحقيق أهداف ذات طبيعة اقتصادية أو سياسية.
- تتباين فاعلية العقوبات على الأنظمة الشمولية تعديلاً لسلوكياتها أو تغيراً لبنيتها، ويعود ذلك إلى أسباب متشابكة تتعلق بأطراف معادلة العقوبات "المرسل، المستهدف، الشركاء"، وبنوع العقوبات "شاملة، ذكية"، ومدى شرعية العقوبات وحيازتها على إجماع دولي.
- تظهر قراءة العقوبات التي فرضت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية صعوبة حصر أضرارها بالجهات المستهدفة فقط، حيث أضرت العقوبات بالأحوال المعيشية للفئات الضعيفة من السكان، وبمصالح الشركاء التجاريين والسياسيين للدول والجهات المستهدفة.
- يتطلب تصميم برنامج عقوبات فعال تحليل شامل وموضوعي للجهات المستهدفة من حيث بنيتها ومصالحها ومواردها وشبكة علاقاتها ونقاط قوتها وضعفها، إضافة لاستناده على إجماع دولي، وعلى إمكانية لتوظيف القوة العسكرية لإنفاذ العقوبات. يضاف لما سبق ضرورة بناء نظام لرصد وتقييم أثر العقوبات بما يتيح إمكانية تعديل العقوبات لزيادة فاعليتها.
- اتسمت عقوبات ما قبل 2011 بانتقائيتها ومحدودية نطاق الجهات المستهدفة بها، وطبيعتها كعقوبات محددة واقتصارها على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، في حين أنها اكتسبت بعداً دولياً منذ 2011 بتنوع أنماطها واتساع نطاق الجهات المستهدفة بها والجهات المنخرطة في فرضها.
- تلتقي العقوبات الأوربية والأمريكية في تركيزهما على استهداف الأفراد مقارنة بالكيانات وخاصة فئة التكنوقراط، ومن حيث استهدافهما للمؤسستين الأمنية والعسكرية ككيانات حكومية، بينما يفترقان في توقيت اللجوء إليها والتوظيف السياسي لها.
- من غير الدقيق تحميل العقوبات مسؤولية تدهور الاقتصاد السوري وتراجع الأحوال المعيشية للسكان السوريين، حيث يعود السبب الرئيسي فيما سبق إلى الآثار الكارثية التي خلفتها الأزمة وما تزال في الدولة والمجتمع السوريين، وإلى السياسات الاقتصادية للنظام سابقاً وخلال الأزمة.
- لم تكلل العقوبات بالنجاح فيما يتعلق بتغير النظام أو تعديل سلوكياته، إلا أنها ساهمت وبتفاعلها مع متغيرات عدة في تشكيل بنية سلطوية ذات صبغة مافيوية_ميليشاوية.
المراجع
[1] George Tsebelis. Are Sanctions Effective; A Game-Theoretic Analysis. University Of California At Los Angeles. Date: 29/09/2010. Link: Https://Goo.Gl/B1frrc
[2] تبينة عادل، العقوبات الاقتصادية الدولية بين الشرعية الاعتبارات الإنسانية، رسالة ماجستير في القانون الدولي العام، جامعة محمد خیضر بسكرة/ كلية الحقوق والعلوم السياسية/ قسم الحقوق، السنة الجامعية 2011-2012، رابط إلكتروني لرسالة الماستر Https://Goo.Gl/Yuarah
[3] ماذا يعني تعليق عضوية سوريا بالجامعة؟، موقع الجزيرة، تاريخ 13-11-2011، رابط إلكتروني Https://Goo.Gl/Mmiqpq
[4] تبينة عادل، العقوبات الاقتصادية الدولية بين الشرعية الاعتبارات الإنسانية، مرجع سابق. كذلك مراجعة، تأثير العقوبات الدولية على الأوضاع الداخلية في الإقليم، مجموعة الخدمات البحثية نقلاً عن المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية، رابط إلكتروني Https://Goo.Gl/Qrusfk
[5] واشنطن تدرج وزراء سوريين بـ"القائمة السوداء، الجزيرة، تاريخ 17-05-2013، رابط إلكتروني Https://Goo.Gl/Oo7tw4
[6] للمزيد حول قائمة الكيانات والشخصيات المستهدفة بالعقوبات من قبل الأمم المتحدة مراجعة، القائمة الموحدة لجزاءات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الرابط: Https://Goo.Gl/2zpwzi، Https://Goo.Gl/5eprgd
[7] للمزيد مراجعة، قردوح رضا، العقوبات الذكية ومدى اعتبارها بديلاً للعقوبات الاقتصادية التقليدية في علاقتها بحقوق الإنسان، رسالة ماجستير في العلوم القانونية، جامعة العقيد الحاج خضر-باتنة/ / كلية الحقوق والعلوم السياسية/ قسم الحقوق، العام الدراسي 2010-2011، رابط إلكتروني Https://Goo.Gl/Bcmfm7 -
[8] Checklists Of Foreign Countries Subject To Sanctions. Thompson Coburn Llp's International. Date: June 2017. Link Https://Goo.Gl/Rvn3of
[9]Juan J. López. Implication Of The U.S. Economic Embargo For A Political Transition In Cuba. Association For The Study Of The Cuban Economy. Date 1999. Link Https://Goo.Gl/Tmksvs
[10] Kenneth Rogoff. Economic Sanctions Have A Long And Chequered History. The Guardian. Date: 5 January 2015. Link Https://Goo.Gl/62uvdr
[11] قردوح رضا، العقوبات الذكية ومدى اعتبارها بديلاً للعقوبات الاقتصادية التقليدية في علاقتها بحقوق الإنسان، مرجع سابق.
[12] محمود لعوتة، العقوبات الاقتصادية. 116 حالة لم ينجح منها سوى 34، موقع الاقتصادية، تاريخ 12-2-2012، رابط إلكتروني Https://Goo.Gl/F2kssq
[13] Daniel W. Drezner. Sanctions Sometimes Smart: Targeted Sanctions In Theory And Practice. The Fletcher School, Tufts University. Date: 2011k Link: Https://Goo.Gl/S5zede
[14] Juan J. López. Implication Of The U.S. Economic Embargo For A Political Transition In Cuba. Association For The Study Of The Cuban Economy. Link Https://Goo.Gl/Tmksvs
[15]تأثير العقوبات الدولية على الأوضاع الداخلية في الإقليم، مجموعة الخدمات البحثية نقلاً عن المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية، رابط إلكتروني Https://Goo.Gl/Qrusfk
[16] W. Michael Reisman* And Douglas L. Stevick. International Law Standards To United Nations Economic Sanctions Programmes. Link Https://Goo.Gl/Ejecsk
[17] عزمي بشارة، سورية درب الآلام نحو الحرية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، 2013، ص 595.
ir=LTR>